الأحد، 22 يوليو 2012

امـــــرأة ..مـــن الــجـــنّـــــة (2)

امــــرأة مــــن الــجـــنــــة
أم نــفــيــســـة (2)

وافت عمّ الحاجّ أحمد المنيّة..وتركها فى شباب عمرها..وقد كانت  - هى - ذات قلبٍ سرمدىّ الشباب...
وترك لها تَرِكة..ثقيلة على الجبال والرجال...لكنها كما قلتُ..آمرأة..بألفِ رجُل...!!
بنتان ...وولد...وجنين..!!
لم يصل بعدُ عمر البنت الكبرى :الثلاثة عشر عاماً..! يوم وفاة أبيها..وهى الآن متزوجة بفضل الله وفضل أمها..
ومعها أربعة أولاد..لم تشعر بنقصٍ ولا يُتمٍ..وكذا جميعهم..
ثم البنت الثانية..كانت فى مشارف العام الثامن..وهى الآن متزوجة ومعها ولدٌ وبنت..!!
وللعلم..كان الزوج هو (رمضان)..ذلك الذى أخبرنى بوفاة أبيهم..والحقّ يقال..أنه زوج نحسبه صالحاً..
أما الولد..فقد صار رجلاً..فبعضنا تُسرع الأقدار فى استنبات وإنضاج رجولته..فلا بدّ للأحمال..أن تُتَناقَل..
اليوم هو زوجٌ صالحٌ..لزوجة صالحة..ينتظران - ان شاء الله - الذرية الصالحة..

وأما الجنين..فقد وُلد رجلاً..وهو أحفظُهم  كتاب الله..وأقربهم لسنّة رسوله( صلى الله عليه وسلم..)
وفى كلِّهمُ الخير...
_______________________________________________________
ارتبطتُ عاطفياً بكل ما حَوَت قلوبهم من طهر ونقاء..هذا الرجل وزجته رحمهما الله..
منذ بدأ ذاكرتى..وقد حفروا أسمائهم بعظيم أفعالهم ومقالهم..فى قلبى وقلوب من عرفوهما..وأظن قلوبكم..
حفروها بأحرف من نور..ومن سكَنَ القلب..لا يخرج منه..أبدا..
_________________________________________________________
لن أنسى تقاسيم وجه..أم نفيسة..وهى تحتضننى فى حنان العالم..وتقول..
- شدّ حيلك يا بطل..أخوك بقى دكتور باطنى..وانت كمان عايزاك تكون دكتور صيدلىّ..
أخوك يكشف علىّ..وأنت تجيب لى العلاج...؟!!!
كنت أسأل نفسى ...أكلّ هذا الفرح فى عيونها..وتكون مريضة...؟
أجابنى الزمان..المرض.. بعضُه لا يُرى..والناس.. بعضهم..يكتمون الألم..والنبلاء منهم يغلفون المرض والألم بإبتسامات بهجة ينشرونها ملء السمع والبصر وكذا الفؤاد..
كافحت المرأة..بعد موت زوجها صبرت..وامتهنت نفس المهنة البسيطة..كان لها عزة نفس شحَّت فى زماننا هذا..وكرامةٌ لم أرى فى مثلها..
لم تتزوّج..باعت نفسها والله  تعالى اشترى ووهبها أبنائها..بل جيرانها وكل من يعرفها ..
ربّتهم وعلمتهم..الدين والأخلاق..قبل كل شئ..
كان اسمها (رِضَــا) ويالرضاها..فقد كانت عند السراء تشكر..وعند الضراء..تصبر ..!!واظنها حُرِمت متاع الدنيا..وأُوتِيت الآخرة..
منذ عام مضى..أو يزيد..اشتدّ عليها المرض..فقد ظهرت علامات المضاعفات..ولم تستطع الصمود..فهى أولاً وأخيرا ًبشر..
وذات يوم..استدعوا أخى الطبيب - وفقه الله لكل خير - ليزورها ويفحصها وقد كنّا دائمى الزيارة..
ولكن كانت ندآءات ربانية..لتتحقق حروفها حين دعت لنا..
فحصها أخى كما تنبأت وأرادت..وأحضرتُ لها الأدوية..ولكن ماذا تُفيد..؟؟!!
جلست أمامها راكعاً..أشكر الله وأستحضر كل ما حكيتكم عن معشاره..كل فرح او حزن جمعنا..كل ألم وأمل..كل عظمة لتلك المخلوقة..النادرة..
ولا أُخفيكم سرّاً أننى من أولئك العاجزين حدّ الوجع ..خاصّة عند رؤية أحبابى يتألمون..
مرّت أيام طويلة علينا ..وعليها..

إلى أن اختار الله تلكم المرأة لتصعد روحها إلى السماء..ولتسكن عنده فى علّيين..فى الفردوس مع النبيين والشهداء والصديقين والصالحين وحَسُن أولئك رفيقاً..
دعونى أحاول الوصف..
اكتست السماء والأرض بالحزن..والحداد..والفرحة..
حزن على الفراق وفرحة على ما هى مقبلة عليه..
شعرت ليلتها بما لم يشعر به أحد.. الحزن والكمد وكذا الفرح والسرور..
كنت صامتاً وجوماً..حتى صلاة الفجر..
وأذّن المؤذّن..الله أكبر..
وبعد الآذان..انطلق بآذان من نوع آخر..ذلكم الذى أضع عنده كفّى على قلبى من الخوف..ولكن هذه المرة أحسست بقلبى خرج على كفّى..
(لا إله إلا الله..محمد رسول الله..(وبكى المؤذن..) توفيت إلى رحمة ال.. و(وانتحب المؤذن..والمصلون..وأنا لازلتُ أكتمُ  وأكتم..)
توفيت إلى رحمة الله تعالى ..(وأغرق الجميع فى البكاء..) أم نفيسة..رضا..مرات الحاجّ احمد ..وكانت العادة أن يؤذن بذلك ثلاثاً..
لكنّه لم يستطع أن يكمل واحداً..!!
وحانت الصلاة..وقدّمنى الناس..للإمامة..فتمالكت انهيارى..وصليت بهم إماما..
وقرأت آيات الصبر والشهادة..
وحين رفعت..وحين ...رفعت من الركوع بالناس..وقد كانت مكبرات الصوت تجلجل القرية كلّها لا المسجد فقط..وكل القرى المجاورة..
وجدت نفسى أقول..بصوت يصارع البكاء..
(اللهم أخذتها إلى رحمتك..وإلى كنفك..ياااااااااااااارب..اللهم إنها كانت صاااااابرة  شاااااكرة عفيييفة..طااااهرة..
اللهم إنها ربّت وعلّمت وأصلحت ..
اللهم ابتليتَها بالفقر وصبرت ..وبالترمّل وصبرت..وبيُتمِها من قبل فصبرت..وبيتم أولادها وجنينها فصبرت..وبالمرض فصبرت..
اللهم جازها بصبرها..وأسكنها فردوسك.........)
أقسم بالله..من كل قلبى خرج دعائى وانفجرت باكياً..لا ادّعى عذوبة الصوت ولا  تأثيره على الناس..لكن الموقف أقوى وأعمق وأصدق..
بكاها معى الشجر والحجر ..الصغير والكبير..القريب والبعيد..
صعدت روحها الطاهرة الملائكية إلى السماء..وجسدها العفيف فى باطن الأرض ..
قد تكون فى عداد الاموات..!!
لــكـنـهــــا ..حــتــمــاً..
من ..الــخـــا لــــــديــــــن..

هناك تعليقان (2):

  1. محزنة جداً عميقة المعاني لكن مؤمنه أن الله إذا احبَ عبداً ابتلاه
    ليمحي ذنوبه قبل موته و يعودُ طاهراً من كل شيء ~
    رحمها الله و غفر ذنبها و أسـاله أن يدخلها فسيحَ جناته
    يا سيدي لا تزكي احداً و تقول ذهبت إلى عليين و ما ادراك ؟!
    حتى الرسول صلى الله عليه و سلم و هَو من غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر
    قال: ( لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته. )
    فالجميع سيدخلونَ الجنة برحمة من الله أعلمُ أنكَ متأثر كثيراً بها و أنها انسانة عاشت حياة صعبة جداً
    ادعوا لها بالمغفرة و الرحمة قصه أجملُ ما فيها ( أم نفسيه ) التي من النادر أن تشاهد شخصاً مثلها
    مؤلمة وأكثر ~
    لروحكَ فيضٌ من نور و طوق فرح
    طبت

    ردحذف
    الردود
    1. كان وسيظل الاجمل هو مرورك..يا (أخيتى)..
      أتفق معك تماما..ولكن ..
      لمن تكون الجنة إن لم تكن لمثلها..
      رحمة الله تقتضى ان يكون أمثالها..فى الفردوس..
      وكذا عدل الله..
      لروحك فردوس فى الدنيا والآخرة..ومعك أحبائك جميعهم

      حذف